"فاكرة لما كنتي بتحطي الرز بلبن في التلاجة ... وبعدين متلاقيهوش"
نظرت لي نظرة شك عتيد وهي تردد:
" آه ... خير, انت تعرف عنه حاجة؟"
"أيوه يا حاجة ... أنا اللي كنت باخده ... وبأكله لمشمش"
"مشمش؟ ... القط اللي كان عند أم حسن جارتنا ؟"
"أيوه يا حاجة ... هوه مات من شوية"
"ده انت واد جاحد صحيح ... تدي نعمة ربنا للقطط وتحرم إخواتك؟"
"نعمة إيه يا أمي؟ ... ده موت 3 قطط لحد دلوقتي؟ ... وبعدين اخواتي هما اللي قالولي بعد حالة الإسهال الجماعي اللي كانت بتجيلهم"
"روح يابني ... أنا مش مسامحاك ليوم الدين"
"يا حاجة ... المهم مشمش اللي يسامحك"
همت بأن ترد رد يحرق دم هذا الإنسان البارد اللي بيكلمها (اللي هوه سعادتي) لولا أن فتح الباب وأطلت منه أم هبة بسحنتها الرائعة وعليها ابتسامة قسمت وجهها نصفين مرددة :
"اطمنوا ... ده طلع أبو هبة"
همهمت في سري "ده إيه العيلة اللي تخاف من العيل وتنفض لأبوه"
خرجنا إلى الصالون ثانية, وجدت الأب ينظر لي باستغراب مغرب بالأغاريب المغربة, تكلمت بسرعة :
"عارف يا حاج ... عارف ... أنا لو مكانك كنت هقول إيه اللي الناس دي كانت بتعمله في البلكونة عندي ؟"
نظرات الرجل يبدو عليها البلاهة ... صمت للحظات, ثم رد:
"لا يا أستاذ ... أنا بس مستغرب ليه كل ما حد يجيلنا يصر يدخل من البلكونة ... أومال الباب ده جايبه لمين, لأبويا؟"
"منطق برضه يا حاج ... بس المشكلة إن الدنيا طراوة منناحية البلكونة"
"آآآآآآآه"
ثم التفت أبو هبة لأم هبة سائلا :
"مين دول يا ولية؟"
"ده الأستاذ تامر ... جي يخطب هبة"
نظر له باسحذاق متورم وهو يقول :
"إيه ده؟ ... مش بنتك مخطوبة؟"
"لا يابو هبة ... ما هو خلاص ... الموضوع ده اتفركش"
كان هذا أكثر مما تتحمل أعصابي المرهفة, أمسكت بيد أمي, واستأذنت أبو هبة وأم هبة وهبة وأنا وانت ورقصني يا جدع ... وخدت السلم طيران دون أن ألتفت ورائي ...
-------------------------------------------------
مداعبا كوب نعناعي أمام جهازي الحبيب, أتصفح النت وأعيش قليلا محاولا نسيان صدمة الأمس ... دخلت الحاجة وجلست على الكنبة, نظرت إليها ... ضحكت, فضحكت بدوري ... ضحكنا بشدة ...
"والله يا تامر أنا عمريما شفت زي كده"
"مش عارف يا حاجة إيه كم المواقف العجيب ده ... أنا بجد استويت"
"انت ياد اللي وشك فقري"
"فعلا يا حاجة ... البلكونة الضيقة خير دليل"
ضحكت أمي ضحكتها العسل ... ثم تابعت :
"اوعى تكون يا واد قفلت من الجواز"
"لا أبدا يا حاجة ... هوه اللي بشوفه ده يقفل, ده يجيب درفها"
" لأ , بجد ياخويا ... عشان أشوفلك حاجة تاني"
ابتسمت, ثم رددت :
" ماشي يا أمي, بس اصبري عليا شوية أفوق ... و ..."
"و ... إيه ياخويا؟"
"ابقى ودينا لناسعندهم بلكونة واسعة شوية ..."
ضحكت أمي بشدة ... والتفتت , مناولة إياي ... طبق الرز بلبن !!!
__________________