تعلم الحب أيها الإنسان
نورة الخاطر
يحرص الكثير من الناس على التعليم ويبذلون النفيس والغالي في سبيل ما يسمونه علما مع انه معرفة فقط، وليس من العلم في شيء، لأن العلم هو ما ينفع الناس، وهو ما يمكث في الأرض، أما المعرفة فتحصيل حاصل. وهو ما نفعله يوميا في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، بشتى طرقها، وأشكالها وتوجهاتها، ومنها وفيها وعبرها يمر الكثير من الفكر القيم والسقيم أيضا.
وليت أنهم بالفعل يتعلمون ما ينفعهم ولا يضرهم، بقدر ما هم حريصون على تعلم ما يضرهم أكثر مما ينفعهم، وقد يظنني من يقرأ المقالة الآن بأنني إنما أقصد بأن يتعلموا العلم الديني فقط، وهذا العلم حقيقة هو الخير كله، غير أني حقيقة أقصد حتى العلم الدنيوي أيضا ومنه ما نغفل عن تعلمه بل ونتجاهله وهو المهم والنافع في حياتنا الدنيا والمؤدي لخير حياتنا الأخرى أيضا، إنه علم الحب الذي ولشديد الأسف يجهله الكثير من عامة الناس.
ومع كثرة وسائل العلم المجني عليه، إلا أن الأكثر من البشر لا يزالون يشتكون من عدم محبة الناس لهم، وتعجب بالفعل لم لا يحبهم الناس؟! وهل زعمهم صحيح؟! ام أنهم هم من لا يحبون الناس، على مبدأ وطريقة (كل يشوف الناس بعين طبعه)؟! فالكاره للبشر يرى الناس مثله، ولو فعلوا له الأفعال الطيبة من صميم قلوبهم، والحقود كذلك والحسود أيضا، ولكن ماذا لو جربت أيها الانسان ذكرا كنت او أنثى صغيرا او كبيرا، أن تحب الناس وتتمنى لهم الخير وتزورهم وتبذل لهم من غير أن تنتظر المقابل، إلا من الله وحده لا شريك له فيما بذلت وأحسنت وأسديت؟.
حتما ستتغير حالك إلى الأحسن بكل تأكيد وستشعر بالرضا عن نفسك ومعها، وستشعر بالحب والفرح والسرور يتوجون أوقاتك ويظللون تصرفاتك كلها، ويأتيك المردود الطيب من غير أن تطلبه، ويفيض البشر على ملامح وجهك، وروحك. فكر أيها الإنسان أن تتجنب الدسائس والطعن في الخفاء والكذب والخبث والتجسس، وكشف العورات، والمعاملة بالمثل، ورد الكيد لمن قد تتخيل أنهم يكيدونك، ويقصدونك بتصرفاتهم، وستلاحظ بعد مدة أن الحياة تحولت للأفضل وأصبحت أجمل، بل وأكثر بكثير مما كانت عليه. لا ترد الصفعة بصفعة كما لا تدر خدك الثاني لمن صفعك بل قل حسبنا الله ونعم الوكيل وامض في طريقك ونور الله قائدك وهاديك إلى مسارات الخير. ومهما طالت الأزمنة فتذكر أن وراءك ليلا طويلا سرمديا ممتدا تفرح فيه بضوء شمعة.
لا تفسر أقوال وأفعال الناس المحيطين بك على أنها خبيثة وإنهم إنما يقصدونك أنت بالذات، وإنها تطعن بك وانهم يقصدون شرا بك وانهم ما قالوا كذا الا انهم أكيد يقصدون كذا وما فعلوا كذا الا ليضيقوا صدرك أنت بعينك، ويغيظوك، ويمكروا بك، وأنت المقصود بالشر والحسد والحقد في كل ما يصدر من الناس من حولك وخصوصا أقاربك! للناس رب يحاسبهم فقط أنت أرح نفسك من مراقبتهم وتحوير الأفعال والأقوال إلى سلبيات أنت المراد والمقصود بها! (تعلم الحب أيها الانسان) فكر كيف تُحب حتى تحب وتكسب الحب..
ولا تنسَ أن المسلم يألف ويؤلف فإن لم نتعلم ونعرف كيف نحب فلن نستطيع معرفة معنى الحب الموصل لرضوان الله وهو الطريق لجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، اعدت للمتقين. والتعامل الجيد مع بعضنا البعض وسنبقى نشكك دائما وأبدا في النوايا وكأننا نعلمها.