تحظى المباراة الأولى في تاريخ كأس العالم بين الجارتين بكل عوامل الإثارة اللازمة ، فأسبانيا والبرتغال تصلان إلى مباراة غد الثلاثاء بتاريخ طويل وتبادل في كافة المجالات ، أحدها الكروي ، وثوابت راسخة في طريقة فهم إحداهما للأخرى.

وعنونت صحيفة "أبولا" البرتغالية تقريرها حول اللقاء بعبارة "بعد الأشقاء ، يأتي الجيران"، في إشارة إلى المباراة المقبلة في دور الستة عشر لمونديال جنوب أفريقيا أمام أبطال أوروبا ، بعد مواجهة فريق آخر معروف جيدا في ختام الدور الأول هو البرازيل المستعمرة القديمة.

كم تعرف أسبانيا والبرتغال إحداهما الأخرى ؟ على المستوى الكروي ، كثيرا. فالنجم البرتغالي الأول ، كريستيانو رونالدو ، سيقابل على ملعب "جرين بوينت" في كيب تاون العديد من زملائه في ريال مدريد.

وسينطبق نفس الوضع على قلب الدفاع بيبي ، أحد أعمدة فريق كارلوس كيروش ، الذي بدوره كان قد تسلم يوما تدريب النادي الملكي بدلا من فيسنتي دل بوسكي ، المدير الفني الحالي لأسبانيا. وهناك ستة لاعبين برتغاليين يلعبون في الدوري الأسباني.

الوضع أكثر تعقيدا للاعب البرتغال الدولي ونجم أتلتيكو مدريد السابق باولو فوتري ، الذي عاش أبناؤه طيلة حياتهم في أسبانيا ، حيث كتبت صحيفة "ماركا" الأسبانية اليوم تقول "دماؤهم برتغالية ، رغم أن قلبهم ينبض بحب الماتادور".

لكن تلك الرابطة الكروية تبدو أكثر غموضا خارج الملعب. يقول ماريانو فرنانديز إنجيتا أستاذ الاجتماع بجامعة سالامانكا الأسبانية في دراسة حول الأمر إن "البرتغاليين لديهم علاقة حب­كراهية تجاه أسبانيا ، الأمر الذي يشبه مشاعرنا نحن الأسبان تجاه الفرنسيين".

وكانت صورة الدولة الأصغر التي تطغى عليها جارتها الأكبر ، والتي بدورها تمنحها القليل من الاهتمام ، أحد العوائق التي سعت السفارة البرتغالية في أسبانيا إلى تجاوزها بالدعوة في العام الماضي إلى لقاء يهدف إلى توضيح الثوابت التي تجمع البلدين.

ووصل الخبراء إلى نتائج مفادها أن البرتغاليين يرون الأسبان "مسليين ويتمتعون بالطاقة ويشعرون بالفخر ويميلون إلى الحديث بصوت مرتفع". في المقابل يبدو البرتغاليون لجيرانهم "متحفظين ، غير حاسمين وعاطفيين".

وبعيدا عن مسألة الثوابت ، فإن كلا الوصفين ينطبق بشكل تام على أسلوب لعب كل منتخب. فالأداء الممتع والمتحرك نحو الأمام لأسبانيا يتعارض مع تحفظ البرتغال التي تتمتع بأقوى خطوطها في الدفاع ، حيث لم تهتز شباكها خلال المباريات التسع الأخيرة ، وهي الفريق الوحيد في المونديال الذي لم يدخل مرماه أي هدف حتى الآن.

وتقدمت أسبانيا والبرتغال بملف ترشيح مشترك لتنظيم كأس العالم عام 2018 ، لكن هناك من يحلمون بصور تعاون أكثر طموحا.

فالوحدة السياسية المحتملة بين البلدين تعد أحد الموضوعات التي تثار بصورة متكررة في البرتغال ، ولمرة جديدة لا تثير سوى اللامبالاة في أسبانيا بحسب استطلاعات رأي عديدة.

وتستقر نسبة دعم البرتغاليين لهذه الخطوة عند 40 % ، حيث يبقى الحافز لها اقتصاديا في المقام الأول ، فقد عكس استطلاع لصحيفة "سول" أن نحو 97 % يعتقدون أن البرتغال ستتطور بصورة أكبر عبر "اتحاد أيبيري".

واجتذبت تلك الفكرة لعدة أعوام مؤيدا مرموقا هو جوزيه ساراماجو ، فالأديب الحائز على جائزة نوبل كان عاشقا لأسبانيا وقضى سنواته الأخيرة حتى وفاته في وقت سابق من الشهر الجاري ، مقيما في لانزاروتي بجزر الكناري الأسبانية.

وأوضح الكاتب قبل وفاته :"بعشرة ملايين نسمة ستكسب (البرتغال) فرصا كثيرة للتنمية ، ولن يكون ذلك تنازلا ولا قضاء على البلاد ، فهي ستستمر في صورة أخرى. فهي لن تتوقف عن الحديث أو التفكير أو الإحساس بالبرتغالية".
[

ميرسى يامايجيك تســلـــم

ثانكس