رؤيا الملك
رأى الملك في المنام سبع بقرات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان .
أفاق الملك من نومه مفزوعاً ثم ارتد إلي النوم ثانية فرأى سبع سنبلات يابسات يأكلن سبع سنبلات خضر ، فأفاق من نومه ولم يستطع النوم من الحيرة والخوف ، نادى الملك من بالقصر ليفسروا له الرؤيا .
قالوا له : أضغاث أحلام ، ولا يوجد لها تفسير علي الإطلاق .
تذكر ساقي الملك يوسف الذي كان معه في السجن وأنه الوحيد الذي يستطيع تفسير هذه الرؤيا .
يوسف يفسر رؤيا الملك
ذهب الساقي إلي يوسف في السجن ، فقال له يوسف :
سوف تزرعون سبع سنين ، فتحصدون من الزرع خيراً كثيراً فدعوه في سنبله ولا تأكله منه إلا القليل ، لأنه ستأتي سبع سنوات مقفرة ليس فيها زرع ولا حرث ، كلها جفاف وفقر .
ثم يأتي بعدهن عام فيه يغاث الناس ويزرعون ويحصدون .
فلما رجع الساقي من عند يوسف إلي الملك بتأويل الحلم وتفسيره أمر الملك بإحضار يوسف من سجنه .
ذهب إليه الحراس ليخرجوه ، فقال لهم : لن أخرج حتى تتأكدوا من برائتي وتسألوا تلك النسوة عن خبرهن .
أمر الملك بإحضار النسوة ، ومعهن امرأة العزيز .
بدأ الملك يسألهن واحدة تلو الأخرى ، فأجمعن جميعاً علي أنهن لم يرين سوءاً منه وأنه كان كالملاك الطاهر .
قامت زليخا امرأة العزيز ، وقالت للملك :
الآن سوف أقول الحق ، يوسف سجن ظلماً بسببي ، والحقيقة أنه بريء وكنت أنا التي حاولت الإيقاع به ، وراودته عن نفسه .
قال الملك : ائتوني به أستخلصه لنفسي
لما أخرج يوسف من السجن بأمر الملك ووصل عنده وتكلم معه ازداد إعجاب الملك به فقال له: إنك يا يوسف سوف تكون عندي في منزلة كريمة ومكانة رفيعة علي كل شيء .
خاف يوسف أن يبطش الأقوياء بالضعفاء ويغدروا بهم كما فعل إخوته به . فقال يوسف للملك: إن السنوات القادمة ستكون فيها مجاعة ثم تعم مصر وما حولها ، ولا بد أن نستعد لهذا الموقف.
قال الملك : ليس عندي أحد أجعله أميناً علي تولية هذه المسألة ، وهي مسألة جد خطيرة وعظيمة .
قال له يوسف : اجعلني علي خزائن مصر ، فإنني دارس وأعلم كيف أحفظ الغلال والحبوب .
أحب الملك يوسف ، لثقافته ولعلمه وتدينه وأمانته ، فجعله رئيساً للوزراء ( عزيز مصر ) .
كذلك مكنا ليوسف في الأرض
( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي . فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين . قال اجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم . وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين . ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ) " يوسف : 54 ، 57 " .
وجاءت سنوات الخصب فخزن يوسف الفائض من الغلال ، ثم بدأت سنوات الجدب وأخذ الناس يتوافدون علي مصر ليتزودوا بالطعام والمؤنة .
وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم يوسف لكنهم لم يتعرفوا عليه لم يتصوروا أن الله تعالي قد مكن له وأنه لا يزال حياً .
وكان الملك قد غير اسمه وسماه صفنات فعينع .
فسألهم يوسف : من أنتم ؟
قالوا له : نحن أبناء نبي الله يعقوب ، ونحن اثني عشر رجلاً ، رحل عنا واحد ، ولنا أخ عند أبيه .
فقال لهم : ائتوني بأخيكم هذا ، ألا ترون أني أوفي الكيل ؟
قالوا : سوف نطلب من أبينا أن يرسله معنا ، غير أنه لن يرضي لأنه يحبه كثيراً .
فقال لهم : لا كيل لكم عندي مرة أخرى حتى تحضروه معكم .
رغم ذلك كان يوسف قد أمر معاونيه أن يضعوا لإخوته بضاعتهم التي جاءوا بالطعام علي جمالهم ، وكان قد أكرمهم وضيفهم .
عاد أخوته إلي أبيهم ، طلبوا منه أن يرسل معهم بنيامين لأن عزيز مصر سوف يزيدهم من الطعام الذي سيعطيه لهم وأكد عليهم ذلك .
قال لهم يعقوب : إنني أخاف عليه أن تفعلوا به ما فعلتموه بيوسف من قبل .
فقالوا له : لقد وعدنا العزيز أن يعطينا كيلاً زيادة فأرسله معنا ولا تخش عليه منا .
فقال لهم : لن أبعثه معكم إلا أن تقسموا بالله أن تحافظوا عليه ولا تتركوه إلا إذا حدث لكم مكروه ، فأقسموا بالله أن يحافظوا علي بنيامين .
فطلب منهم يعقوب ألا يدخلوا من باب واحد خوفاً عليهم من الحسد ، وقال لهم : ادخلوا من أبواب متفرقة .